قمة قادة التغيير - اسطنبول - 14 مارس 2011
(مترجمة من اللغة الانجليزية)
بسم الله الرحمن الرحيم،،،
بداية، أريد أن أعبر لكم عن مدى سعادتي بأن أكون هنا في مدينة اسطنبول الجميلة، وكما جاء في شرح للمدينة من الزميل الذي تحدث في الجلسة السابقة، أريد أن أضيف على جاء من كلماته وأقول بأن لهذه المدينة ثلاثة جسور ساحرة وهي: جسر مادي ملموس يربط الشرق بالغرب، جسر روحي بين الإسلام والمسيحية، وجسر زمني بين الماضي المجيد والمستقبل الواعد، فأنا مسرور جدا بأن أكون معكم هنا اليوم.
طلب مني أن أتحدث عن مستقبل الاقتصاد العالمي، وخلال تفكيري حول هذا الموضوع انتبهت بأن المطلع على المستقبل والذي يرى كيف سيتغير الاقتصاد العالمي، يجب عليه أن يحدد آلة التغيير، ومن هنا أستطيع أن أحدد ثلاثة تغييرات أساسية تحدث للاقتصاد العالمي. التغييرات الثلاث التي سأتكلم عنها بشكل قصير هي : 1) التغيير في تمركز القوة في العالم، 2) التغيير في إدراك التهديد العالمي، 3) التغيير في دينامكية علم السكان.
نظرا للتغيير الأول (التغيير في تمركز القوة في العالم)، إذا نظرنا إلى الخمسين سنة الأخيرة، وحاولنا أن ندرك العلاقة بين الدول و"الوكلاء" سنرى أنه منذ الحرب العالمية الثانية كان للعالم هيكل أمني ثنائي القطبية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي واستمر حتى سقوط جدار برلين، عندما تحول العالم إلى عالم أحادي القطب. ونرى الآن بأن هذا النظام الأحادي القطب يتعرض للهجوم بشكل متزايد ولا تمكن استدامته ونحن الآن ندخل في مرحلة نظام متعدد الأقطاب.
يمكننا أن نحدد هذا النظام المتعدد الأقطاب وتطوره بالنظر إلى استجابته للأزمة الاقتصادية الدولية التي حصلت قبل سنوات قليلة في عام 2008. نرى أن الولايات المتحدة لم تتمكن أن تسيطر على الأزمة بمفردها، إنما حشدت قوى دول مختلفة، ونرى أن القاعدة الأساسية للعلاقات الاقتصادية التي عاشت للسنوات الخمسين الماضية، نظام البرتن وودز، قد توقفت عن العمل وتوشك على الانهيار.
مجموعة العشرين (G20) قد طالبت بنموذج اقتصادي جديد، وظهور كتلة اقتصادية جديدة التي تسمى الـBRIC (Brazil, Russia, India, China) أكدت أهمية أساسية اللاعبين الاقتصاديين الجدد في الميدان الاقتصادي.
نرى أن مجموعة الثمانية (G8) لم تعد تقود الاقتصاد العالمي، وأن مجموعة العشرين يجب أن تضم دولا كتركيا والسعودية كأعضاء، وهذا يؤكد أهمية التغيير في تمركز القوة العالمية، وأهم شيء هو أن الولايات المتحدة وافقت على مطالبة جمهورية الهند بأن يكون لديها عضوية دائمة في مجلس الأمن للأمم المتحدة، فهذه تغيرات مهمة في التمركز في القوة العالمية.
ولكن بعيدا عن التغيير في التمركز في القوة العالمية، نحن نرى في نفس الوقت في الدول تغيير في مركز عملية اتخاذ القرار، في السنوات الخمسين الماضية، الحكومات هيمنت العملية الاقتصادية وعملية اتخاذ القرار عبر المجموعات السياسية، البرلمانات، والمؤسسات الصحفية، لم يعد الأمر كذلك. نحن نرى الآن عهد المدونات، التويتر، الفيسبوك، التي أصبحت مجتمعات افتراضية والتي لديها أثر مباشر على عملية اتخاذ القرار نفسها، فهذا تغيير أساسي مهم جدا في مركز عملية اتخاذ القرار في الدول.
الآن التغيير الآخر الذي أستطيع تحديده هو تغيير الإدراك في التهديد العالمي قبل خمسين عام، متى ما كنا في مؤتمر متعلق بموضوع التهديد العالمي، التهديد الوجودي للبشر، كنا نتكلم فورا عن الحرب النووية، وهذا كان مصدر التهديد الأساسي. أي مؤتمر الآن عن الأمن العالمي، نتكلم فيه عن أمر آخر، نتكلم عن التدهور البيئي، نتكلم عن الاحتباس الحراري، وللعلم فإن المأساة التي أصابت اليابان قبل عدة أيام وتطوراتها الجارية، وهي ثاني اكبر كارثة مدمرة أثرت على اليابان منذ الحرب العالمية الثانية. وهذا يعني أن الإدراك للتهديد قد تغير من الحرب النووي التقليدية إلى التهديد البيئي، ولكن ليس فقط هذا، نحن نتكلم الآن عن الأمراض، الايدز، المالاريا، كامتداد للتهديد العالمي على البشرية، وأخيرا نتكلم عن حرب تقليدية جديدة، نتكلم عن الإرهاب كآلة للتهديد على الحياة والمجتمع, وطريقة الحياة كما نعرفها. فهذه تغيير أساسي لم يكن موجودا قبل خمسين سنة.
أخيرا، سأتحدث بشكل قصير عن التغير في دينامكية السكان. نحن لدينا "شمال" يموت في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، فيها انخفاض في نسبة النمو السكاني، كما لدينا ارتفاع عالٍ في نسبة النمو السكاني في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، فيجب أن نستخدم مصطلحات من علم الأرض. لدينا صفيحتان "تكتونيتان"، صفيحتان سكانيتان متجهتان إلى التصادم: نسبة مرتفعة للنمو السكاني وأخرى منخفضة، وكلاهما على طريق التصادم، وسيؤدي ذلك إلى زلزل سكاني كبير. الآن، هذه العملية قد بدأت منذ فترة، والمجتمع الدولي قد اخترع آلية للتعاون مع هذين الاتجاهين المتعاكسين عن طريق عملية الهجرة.
رأينا أوروبا تقبل العمال المهاجرين من العالم النامي كما قامت بنفس الأمر أمريكا الشمالية واستراليا، وغيرها. ولكن هذه العملية لم تستطع أن تستمر، لأننا رأينا أن هذه السياسة الليبرالية المتعلقة بالهجرة صنعت نوعا من رد فعل عنيف. رأينا ظهور "الزينوفوبيا" (الخوف من الأجانب) و"الخوف من الإسلام"، ولأكون دقيق، رأينا إعلان موت التعددية الثقافية، فأصبح هناك رد فعل على هذه السياسة الليبرالية للهجرة، لذا فهي لم تعد العامل المعادل في هذه الحالة غير المتوازنة، فيجب علينا أن نفكر عن طريقة أخرى لتخفيف هذه الاتجاهات المتصادمة.
وأخيرا، إذا كان هناك شيء نهائي أنا متأكد منه فهو أن التفسيرات الكينزية أو النيو-كلاسيكية أو الماركسية للعلاقات الاقتصادية العالمية لم تعد صالحة. ما نحتاجه هو نموذج جديد يوجهنا في هذه المياه المجهولة.
شكرا جزيلا.
مداخلة معالي الوزير ردا على سؤال عريف الجلسة:
في المعنى السياسي، أحداث تونس ومصر كانت غير عنيفة نسبيا ولكن نرى عنف مستمر في ليبيا. الآن، بالنسبة لآثار تلك التغييرات في مصر وتونس، يجب علينا أن ننتظر للديناميكية الداخلية بالنسبة لتأسيس إصلاحات دستورية جديدة، للسماح بنظام جديد للظهور، نظام يكون أكثر تمثيلا ، وأتوقع بأنه بتطبيق هذه الإصلاحات سترجع مصر كقوة اقتصادية كما الحال لتونس. السؤال حول ليبيا أصعب جوابا بسبب الحرب المستمرة هناك بين فصيلين متعارضين. أثر ذلك على المشهد الاقتصادي الدولي لا يمكن الكشف عنها إلا عن أسعار النفط.
نحن رأينا بأن هناك قفزة كبيرة في أسعار النفط تعكس هذه الهموم، لكن أستطيع القول بأن المنتجين من دول مجلس التعاون، كالسعودية والكويت، قد أعلنوا بأنهم سيعملون بقدر المستطاع لسد النقص في إمدادات النفط لتجنب ارتفاع حاد في أسعار النفط. نحن كمنتجين كبار لدينا احتياطيات نفطية كبيرة لا نحبذ الارتفاعات الحادة لأسعار النفط. نحن نفضل سوق نفطي مستقر، نحن استثمرنا كثيرا في الاقتصاد العالمي، نحن سنكون أكبر المتضررين إذا حصل هناك ركود في الاقتصاد العالمي، لذا فمن مصلحتنا أن نرى استكمالا للانتعاش الاقتصادي الدولي كما أشار بعض المتحدثين، وهناك مؤشرات مشجعة من الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا شيء سندعمه عبر الاعتدال في أسعار النفط.