د. محمد صباح السالم الصباح

د. محمد الصباح: التويتر والفيسبوك {ديوانيات الحداثة}

 

italy_october_2011_-_e_.jpg

7 أكتوبر 2011

ايطاليا - كونا - اكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية د. محمد الصباح أن الكويت تدين كثيرا بالفضل «لوجودها السياسي المستمر الى حوارها السياسي الدائم وما نشهده من ربيع عربي في بعض الدول العربية، هو ربيع دائم لدى الكويتيين الذين اعتمدوا دستورهم في عام 1962 بالنظام النيابي في الحكومة، استكمالا لما جبلوا عليه منذ قرون من ترسيخ لمبادئ الشورى والحكم الرشيد واحترام سيادة القانون».

كلام د. محمد جاء في محاضرة القاها في العلاقات الدولية حول الكويت جسر الفجوات .. مسيرة وطن على هامش احتفال جامعة بيروجا العالمية بمنح د. محمد درجة الدكتوراه الفخرية لدوره المتميز في ادارة العلاقات الدولية. وقال «من الناحية السياسية، ورغم التاريخ القصير نسبيا بعد الاستقلال، فقد كان التزام الكويت بالديموقراطية أمرا جليا ومشهودا، فديناميكية نظامنا الديموقراطي وحيويته معروفتان جدا في المنطقة ومحل اعجاب المراقبين».

و تناول د. محمد دور الكويت في سد اربع فجوات في نطاق يتجاوز الزمان والمكان، وهي الفجوة بين الشرق والغرب والفجوة بين الغني والفقر والفجوة بين الحاضر والمستقبل والفجوة بين الحداثة والأصالة.

السلطة الخامسة

وعن الفجوة بين الحداثة والأصالة ذكر د. محمد الصباح في طرحه الأكاديمي ان رحلة الانسان من أجل البحث عن الحرية شهدت منعطفا جديدا في عصر الانترنت، قادته الى عالم الفضاء الالكتروني، حيث ساهمت المواقع الاجتماعية في سد الكثير من الفجوات بين البشر وأتاحت لهم منبرا للتعبير عن أفكارهم واحباطاتهم ومطالباتهم تجاه حكوماتهم، فأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي السلطة الخامسة في الدولة بعد السلطة الرابعة التي تمثلها الصحافة.

وفي مجال الاعلام والحريات الصحفية فقد استعرض د. محمد الصباح ما تتمتع به الكويت من صحافة حرة ومتميزة في المنطقة، وحراك مجتمعي نشط أدى الى خلق قنوات ومنابر للمواطنين للتعبير عن الآراء، قادت الكويت لتصبح نموذجا متفردا للديموقراطية في المنطقة.

منبر

واعتبر أن الانتفاضات في الشارع العربي مؤشر قوي على أن العرب لجأوا الى منبر يمكنهم من خلاله اسماع أصواتهم ليس لنظرائهم المواطنين فقط، بل للعالم بأسره للتأثير الذي تحدثه المواقع الاجتماعية.

وأوضح د. محمد أن الكويت على سبيل المثال تعد احدى الدول الرائدة في الوطن العربي في استخدام موقعي «فيسبوك» و«تويتر».

واستدرك بالقول «أما بالنسبة لنا ككويتيين فإن فهمنا للتقاليد والحداثة مترابط مع حمضنا النووي والجسر ما بين التقاليد والحداثة ليس بالغريب على مجتمعنا، حيث يمكن اعتبار الكويتيين «حداثيين تقليديا» واعتبار مدينة الكويت مدينة عالمية عند ربط الحداثة بالانفتاح على العالم وثقافاته المتنوعة، وبالأفكار الجديدة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية».

الحقوق السامية

وقال: ان أهم جسر نحتاج الى بنائه هو الجسر بين الشعوب، بين الكويتيين والايطاليين، وبين المسلمين والمسيحيين، وبين العرب والأوروبيين، وبين الشرق والغرب.

وأضاف أن «هذه الفجوة بين لغاتنا وثقافاتنا وتقاليدنا هي التي يجب جسرها لنعلم ونتعلم بعضنا من بعض، في سبيل الهدف الأسمى وهو منفعتنا المشتركة، لأن «وراء كل اختلافاتنا هنالك ما نتشارك فيه جميعا اليوم، وهنا، انها حقوقنا السامية كبشر».

ركبنا البحر

واضاف: «ان مجتمعنا من المجتمعات التي ركبت البحر في فترة ما قبل اكتشاف النفط، وشق رجاله عباب البحر، بحثا عن الرزق والتجارة مع المجتمعات المختلفة، الى العراق والهند، وبعيدا الى زنجبار والمسمى بالمثلث التجاري، وكان على أسلافنا الاهتمام بمعرفة لغات عدة، كالهندية والسواحيلية، وكذلك الانكليزية، ومن ثم زرع هذا التواصل مع الأقوام والأديان والمدن المختلفة في أنفسهم حسا عاليا من التسامح انتقل من جيل الى آخر».

حسِّ تسامحي

وقال: «يمكن لمس هذا الحس من التسامح والانفتاح في منازلنا في ما يعرف بالديوانية، التي يمكن لأي غريب دخولها بحرية والاختلاط بمرتاديها ومناقشة مواضيع كالسياسة والاقتصاد والدين من دون أي استثناء، حيث تعد برلمانات مصغرة منتشرة في أرجاء الكويت، يتواصل الناس فيها ويطلقون آراءهم ويعبرون عن همومهم».

الديوانية منبرنا

واعتبر أن الديوانيات كانت عبارة عن «تويتر» و«فيسبوك» الكويت قديما قبل ظهور هذه المواقع الاجتماعية، ولا يجرؤ سياسي ناجح على تفادي زيارة الدواوين، فقد كانت ولا تزال تمثل نبض المجتمع، والمؤشر الأساسي لقياس الرأي العام، وتؤكد أن ديموقراطيتنا كانت أصيلة قبل أن توصف المجتمعات بـ«الحداثة» أو «الموضة» بسبب ديموقراطيتها.

وخلص الى القول ان «لدى الكويت ثقافة تسامح وفهم متجذرة للعالمية، ومستمدة من مهارات عمرها قرون من الزمن، نقلها أسلافنا لمن يليهم، ولذلك أيضا فإن تحولنا ككويتيين من التقليدية الى الحداثة ليس عملية تحددها التقنية الحديثة لعالمنا المتسارع، بل كانت من صنعنا، فهي في الواقع منا وفينا».

السياسة الخارجية

وأوضح د. محمد الصباح أن السياسة الخارجية للدولة التي كانت قبل ذلك تتسم بدرجة عالية من الحذر والترقب تجاه النوايا السيئة، التي حملها صدام حسين، انطلقت بسقوط ذلك النظام الاستبدادي من الدبلوماسية الوقائية الى الدبلوماسية الاقتصادية، بهدف تعظيم المنافع والاستفادة من الأجواء التي حققتها الانفراجة الأمنية في المنطقة باتخاذ عديد من الخطوات لتعزيز أهدافها الاجتماعية والاقتصادية، مستفيدة من موقعها الجيو ــ سياسي الاستراتيجي المميز.

وفي هذا الصدد، أكد أن الكويت تعد أحد أهم وأنشط المراكز الدبلوماسية في الشرق الأوسط، حيث قفز عدد السفارات الأجنبية في السنوات القليلة الماضية الى 94 بعثة، افتتح منها 12 سفارة جديدة العام الماضي وحده، في الوقت الذي يتزايد فيه عدد اللجان المشتركة مع دول العالم باطراد، والتي تحتل القضايا الاقتصادية الحيز الأكبر من أعمالها.

وارتفع عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الكويت والدول الصديقة من 42 الى 164 اتفاقية ومذكرة تفاهم في عام 2006.

مركز مالي

واضاف أن الكويت في مسعاها الى تحقيق المزيد من الانخراط في قضايا ومشاغل المجتمع الدولي وتحدياته المستقبلية، عمدت الى توسيع نطاق دبلوماسيتها بافتتاح 12 سفارة كويتية في الخارج على مدى السنوات الخمس الأخيرة، ليرتفع اجمالي عددها الى 90 بعثة تغطي أنحاء العالم كافة.  وقال: ان «الرؤية لسمو أمير البلاد في اعادة الكويت كمركز تجاري ومالي مزدهر في المنطقة تترجم وتعزز في خطة التنمية المعتمدة حتى عام 2035، يجري في اطارها حاليا تنفيذ خطة التنمية للسنوات الأربع المقبلة وحتى عام 2014، بميزانية تفوق 120 مليار دولار».

الحاضر والمستقبل

وتناول د. محمد الصباح كذلك التحديات التي تفرضها الفجوة بين الحاضر والمستقبل، مشيرا الى أن أمير البلاد عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه، وبسبب اعتماد الدولة على مصدر واحد هو النفط قرر في عام 1953 تنويع مصادر دخل البلاد بانشاء صندوق للثروة السيادية يعتبر الأول من نوعه في العالم وأحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.

صندوق الاجيال

وأضاف أنه في عام 1976 أصدر أمير البلاد حينذاك صباح السالم الصباح طيب الله ثراه، قانونا بانشاء صندوق الأجيال القادمة في فكرة ثورية بفرض ضرائب معينة على الجيل الحالي لصالح الأجيال القادمة للأحفاد الذين لم يولدوا بعد، وهي فكرة تعبر عن مدى بعد نظر القيادة الكويتية لخلق مورد مالي يمكن جيل ما بعد النفط مستقبلا من خلق اقتصاد مستدام.

وحول الفجوة بين الشرق مقابل الغرب قال د. محمد الصباح ان الكويت ومنذ استقلالها في عام 1961 اعتمدت سياسة الحياد الايجابي تجاه الاختلاف الأيديولوجي بين الشرق والغرب.

المصدر: القبس

اتصل بنا

للتواصل معنا، يرجى ملء النموذج التالي
© جميع الحقوق محفوظة