د. محمد صباح السالم الصباح

دينامكية التحدي الأمني: منظور خليجي

 

قمة الأمن الإقليمي السادسة للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية - حوار المنامة

كلمة استهلالية للمتحدث الرئيسي,

د. محمد صباح السالم الصباح

11 ديسمبر 2009 - المنامة

 

شكرا لك أستاذ هايسبورغ. صاحب السمو محمد [بن مبارك آل خليفة، الزملاء والزميلات، جون، السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حسناً، إنه لشرف كبير لي أن أكون هنا هذا المساء، وأن تتم دعوتي إلى مثل هذا المؤتمر المتميز والمعترف به. إنه حقًا تقليدٌ راسخٌ لحوار المنامة، وآمل أن يستمر لسنوات عديدة قادمة. لقد خدم أغراضاً متعددة، ليس فقط كحوار بين أبناء الخليج ومن هم خارج الخليج، بل إنه أوجد بيئة يمكننا فيها كأعضاء في مجلس التعاون الخليجي أن نتحاور فيما بيننا حول القضايا ويمكننا هنا أن نتأمل آراء الآخرين فينا.

أنا سعيد للغاية بدعوتي إلى هنا، وبالنسبة للمنظمين الذين رتبوا جدول كلمتي وملاحظاتي، أشكركم جزيل الشكر على تقديمها قبل العشاء لسببين. أولاً، لديّ جمهور أسير، سواء أعجبكم ذلك أم لا، فسوف تستمعون إلى خطابي إذا أردتم تناول الطعام! وثانياً، سأكون مرتاح البال لأنني سأنعم براحة البال لأنني سأتناول عشائي براحة البال دون أن أقلق بشأن تطورات خطابي في اللحظة الأخيرة.

لذا أشكركم جزيل الشكر واسمحوا لي أن أبدأ ملاحظاتي. لقد أعددتُ ملاحظاتي باللغة العربية على عادة حوار المنامة وسيسعدني الرد على أي أسئلة لديكم في وقت لاحق. عنوان ملاحظاتي هو "ديناميات التحديات الأمنية - من منظور خليجي".

أصحاب السمو والمعالي والسعادة ،،،
السيدات والسادة الكرام ،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
 
بدايةً، يسعدني أن أتقدم بعظيم الشكر والإمتنان إلى مملكة البحرين الشقيقة لإستضافتها ورعايتها الكريمة فعاليات حوار المنامة السادس، متقدماً بخالص الإمتنان للدكتور جون تشبمان مدير المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية لتكريمي بإلقاء الكلمة الإفتتاحية للمؤتمر.

وأود أن أنتهز هذه المناسبة للإشادة بالجهد المثمر الإيجابي والملموس الذي يقوم به المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية وجميع القائمين عليه لإنجاح هذه الفعالية المهمة التي أصبحت مقصداً لكل المهتمين بأمن وإستقرار المنطقة، بما توفره من مساحة لبحث الآراء وطرح الأفكار بحريةٍ وقناعة ذاتية لا تقيّدنا فيها سوى المواقف الأخلاقية في طرح رؤانا الهادفة إلى تحقيق الأمن والأمان الذي تطمح إليه شعوبنا.
 
 الحضور الكريم،،،
 
* الحديث عن الدينامكيه تعني الحديث عن ابعاد زمنيه مختلفه لمفهوم متحرك،
* فهناك تحدي قائم وماثل clear and present والتعامل معه حتمي وفوري،
* وهناك تحديات على المدى المتوسط و البعيد تحتاج معالجات وتحوطات هادئة ودقيقة،
* ومن هنا يمكن القول ان مفهوم أمن الخليج يتشكل في ابعاده الزمنية الثلاث: الآني والمتوسط والبعيد، ويأخذ شكل تحديات أمنية/سياسية واقتصادية وديموغرافية.
 
أولا: التحديات الأمنية/السياسية

إذا دققنا في واقع خريطة الإقليم المجاور لهذه الجزيرة الوديعة، فإننا، بلا شك، سنرصد أحداثا لا تسعدنا، ولا تسهم في استقرار منطقتنا، ابتداء من حرب أفغانستان وما جاورها في باكستان، مرورا بالمواجهة الإيرانية مع الشرعية الدولية، وصولا إلى واقع فلسطين وما يعانيه  الشعب الفلسطيني من قمع وإنكار لحقه في دولة مستقلة، نزولا إلى القرن الافريقي متجولين نحو أزمة اليمن وما تشكله من تهديد لأمن دول مجلس التعاون، وهنا لا سبيل لنا في دول المجلس إلا أن تتحد الجهود من أجل تطويق هذه المخاطر القائمه والماثلة على امننا الوطني. وقد انتهجنا جميعا، في دول مجلس التعاون، وحتى قيام المجلس، دبلوماسية وقائية preventive diplomacy  تتميز بالشفافية وبالحيوية التي تدفعنا إلى التعامل مع بقع التوتر بأسلوب ورثناه منذ زمن له فعاليته وخصائصه الخليجية الفريدة ،ويتميز هذا الأسلوب بما يلي:
 
(1): سلامة النوايا التي تحملها الدبلوماسية الخليجية فليس لها طمع في أرض، ولا أغراض تهضم حق الآخرين فواقعها شفافية ساطعة، وأهدافها التفاهم والتعايش وحسن الجوار وإقامة علاقة متينة وفق مبدأ تبادلية المصالح وتحقيق المنافع للجميع.
والدبلوماسية الخليجية هي نظام ملتزم بقواعد حسن السلوك والاعتراف بحقوق الآخرين، وجوهره، حل القضايا بالتفاهم وإزالة التوترات بالحوار الصريح، وتكثيف التواصل دون ضجر أو يأس.
 
(2): تدرك الدبلوماسية الخليجية مخاطر توظيف الايدولوجيا في العلاقات بين الدول، وتؤمن بأن تسخير الدبلوماسية لتحقيق أطماع إقليمية وتوسعات ترابية على حساب الآخرين يؤدي إلى اضطراب منظومة التفاهم الإقليمي ويدخل الشك بين الجيران ويخلق التوجس والخوف من الابتزاز، وإذا كانت دبلوماسية التوسع مدمرة، فلا تقل دبلوماسية تهييج شعوب الجيران عنها تدميرا، خاصة إذا ما ارتبطت بالدعوة للتمرد على أنظمتها وتحدي حكوماتها أو الانقلاب على واقعها.
ولقد واصلت دول مجلس التعاون حواراتها مع الجيران ومع الآخرين من أجل تنبي دبلوماسية إقليمية جماعية خالية من مسببات التوتر ومن مضار الأيدلوجيات، ومن أجل التوصل إلى صيغ مشتركة منسجمة مع القانون الدولي ومع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومع ضوابط السلوك بين الأمم.
 
(3): تدرك الدبلوماسية الخليجية عمق الموقع الإستراتيجي الذي تحتله دول المجلس في منظومة العلاقات الدولية والذي استقوى مع تثبيت الترابط بين دول المجلس وبين الأسرة العالمية والمبني على فهمٍ واعٍ لدور المنطقة في البناء الاقتصادي العالمي وفي ازدهار التنمية في مختلف المجتمعات .
ومن هذا المنطلق تعاظمت مسؤولية دول المجلس في تأمين استقرار المنطقة وفي حماية ممراتها المائية وفي إتباع سلوك بناء و مسؤول في السياسات النفطية لاسيما في المعادلة بين الإنتاج وبين الأسعار يراعي حق المنتج وحاجة المستهلك.
وأهم ما نسعى إليه في سلوكنا في إطار دبلوماسية النفط هو ترسيخ ثقة العالم في مصداقيتنا وفي التزامنا بالنهوض بواجبنا نحو احتياجات المجتمع الدولي للطاقة .
 وبلا شك فإن الدبلوماسية الخليجية التي أشرت إليها حققت الكثير وأبرز ثمارها هو واقع الأمن والاستقرار الذي تعيش فيه دول مجلس التعاون، رغم الطوق العاصف الذي يحيط بها، كما أمنت تلك الدبلوماسية لدول المجلس مكانة مميزة في سلم العلاقات بين أعضاء المجتمع الدولي. أنا أتحدث عن الدبلوماسية الخليجية ونحن بيننا محمد بن مبارك ]آل خليفة[، أحد واضعي أسس هذه الدبلوماسية الخليجية التي نفتخر بها جميعاً.

ثانيا: التحديات الاقتصادية
 
أما التحدي الأمني على المدى المتوسط، فتبرز لنا التحديات الاقتصادية القائمة من خلال العناوين الرئيسة التالية:
* الاعتمـاد شبه المطلق على مورد اقتصادي واحد ناضب وهو النفط.
* عدم الاستقرار في المناخ الاقتصادي الدولي.
* الانهيارات التي حدثت في أسواق رأس المال الدولية.
* الاضطرابات في أسواق المواد الغذائية.
* التقلبات الحادة في أسعار النفط.
 
هذه الصدمات الاقتصادية العالمية تشكل تحديا استراتيجيا كبيرا في المدى المتوسط لدول مجلس التعاون ولابد من أن تتضافر جهودها من اجل مواجهة هذه التحديات والعمل على تحصين وحماية اقتصادياتها من تلك الانكشافات الاقتصادية.
 
ولمواجهة تلك التحديات فلا بد أن تسعى دول المجلس الى الاسراع في اقامة سوق خليجي موحد بجناحيه الاتحاد الجمركي، والاتحاد النقدي، من أجل ضمان خلق بيئة اقتصادية خليجية تستوعب الصدمات الخارجية بأقل الأضرار والتكاليف، وتوفر فرصا استثمارية لرأس المال الخليجي لتمكينه من بناء وحدات وهياكل اقتصادية تعزز من فرص العمل لمواطني دول المجلس، والقمة الخليجية القادمة في الكويت مدعوة بشكل ملح للتركيز على هذا البعد والمضي في اعتماد خطط قصيرة ومتوسطة الأجل لتحقيق هذه الاستراتيجية.
 
ثالثا: التحديات الديموغرافي

وأخيرا، إذا كانت القلاقل والنزاعات السياسية تشكل أحد المعوقات الرئيسية للمضي في برامج التنمية فإن الجوانب الأخرى – من اقتصادية واجتماعية – قد لا تقل أهمية وتأثيرا على خطط التنمية في دول مجلس التعاون. فلو تمعنا في الواقع الديموغرافي لدول مجلس التعاون الست فسنعي حجم التحدي الذي يشكله هذا الواقع في المدى المتوسط و البعيد، فالاختلالات العميقة للتركيبة السكانية لجميع دول المجلس تدلل على حجم المخاطر السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي نعيشها ، كما أن انشغالنا كسياسيين ومتخذي قرار عن هذه المشكلة الكبيرة قد أدى إلى تشعبها وتفاقمها، فللأسف الشديد لم تقم دولنا الخليجية بعد بوضع الخطط الكفيلة والناجعة  لمعالجة هذه الاختلالات، سواء على المستوى المنظور أو البعيد.
 
و أود هنا أن أعرض بعض المؤشرات التي تدل على حجم التحدي الديموغرافي الذي نعيشه.
 
1- من المتوقع أن يشهد مجلس التعاون أسرع معدل نمو سكاني في العالم، فحسب دراسة حديثة للايكونومست سيزداد عدد السكان بحلول عام2020 بنسبة 30% عما عليه الآن ليبلغ 53مليون نسمة، غالبيتهم العظمى تحت سن 25عاما. وبينما تتجه التركيبة العمرية للسكان في امريكا واوروبا الى وخة نجد الهيكل العمري للسكان في مجلس التعاون شابا، حيث يشكل من هم بعمر أقل من15سنة نسبة 24% من مجمل السكان وهي أعلى نسبة مقارنة بأي مكان في العالم باستثناء افريقيا. هذا النمو السريع والصغر النسبي للسكان سيشكلان تحديا حقيقيا لقدرة دول المجلس على توفير فرص عمل لهؤلاء الشباب.

2- وطبقا لتقرير أعده مصرف الإمارات الصناعي حول الخلل في أسواق العمل الخليجية والتي تتراجع فيها نسبة العاملين المواطنين مقارنة بالعاملين الأجانب << نسبة العمالة الوافدة الى مجموع القوى العاملة: %90 في الإمارات، %62 في البحرين، %65 في السعودية، %65 في عمان، %86 في قطر، و %83 في الكويت>> ، فقد أظهرت الدراسة أن قيمة التحويلات الخارجية قد ارتفعت بنسبة31% في عام2008 لتبلغ 40مليار دولار أمريكي مقارنة بـ30.5 مليار في عام2007، ولكي نحيط أكثر بحجم هذه الظاهرة فقط نشير إلى أن دول مجلس التعاون تأتي في المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة في حجم التحويلات الخارجية –أي تحويلات العمالة الوافدة للخارج- حيث بلغت لدى الأخيرة (أي الولايات المتحدة) عام2008   47  مليار دولار، مقابل 40 مليار  من دول مجلس التعاون.

3- تعاني دول المجلس من بروز ظاهرة الجيل الثاني من العمالة الوافدة، ونعني هنا المقيم الذي أنجب وكون حياة اجتماعية وانضم أولاده (الجيل الثاني) إلى سوق العمل، وهذا الجيل، الذي لا يعرف موطنا آخر غير دول المجلس التي عمل وعاش فيها، يشكل معضلة كبيرة في كيفية استيعابه ضمن الأنساق الاجتماعية الثقافية لمجتمعات دول مجلس التعاون.
 
وإذا كان التحدي الأمني منظورا وقائما وماثلا أمامنا كقضية البرنامج النووي الإيراني أو الحروب والنزاعات السياسية (العراق- افغانستان-اليمن) مرورا بمشاكل التطرف والإرهاب، أو إذا كانت التحديات الاقتصادية معلومة ومشخصة باعتبارها مشاكل آنية قائمة واخرى ذات بعدين قصير ومتوسط، فإن التحدي الديموغرافي هذا يعد تحديا إستراتيجيا على دول المجلس، يتطلب أمر مواجهته وعلاجه حكمة وروية وبعد نظر وسلسلة طويلة من الإجراءات الهادئة والتدريجية تنطوي على حوافز وحلول مبتكرة ومشاريع خلاقة، فمسألة الحفاظ على الهوية الخليجية والسلم الأهلي والتماسك المجتمعي والهوية الثقافية الخليجية مهم جدا في مسعانا الرامي إلى حل هذا الإشكال الديموغرافي.
 
السادة الحضور،،،

إن التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون عديدة ومتشعبة، وإجمالها والدخول في جميع تفاصيلها يحتاج الى وقت أطول وجلسات أكثر، وأنا على ثقة بأن هذه المؤتمر ومن خلال الندوات والحوارات التي ستعقد خلال اليومين القادمين سيتناول هذه المواضيع بتفاصيل أكثر وببحث أعمق. لذا حاولت في هذه المقدمة التركيز فقط على تلك التي وجدتها الاكثر الحاحا والاعمق أثرا،،،، لعلني وفقت فيما ذهبت اليه، شاكرا لكم سعة صدركم وحسن استماعكم.
 
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،
 
 
الأسئلة والأجوبة

 

د. تيم هوكسلي (المدير التنفيذي لمعهد الدراسات الاستراتيجية الدولية في آسيا - سنغافورة)
 
س: يتعلق سؤالي بالعلاقات والمسائل الأمنية بين هذه المنطقة (مجلس التعاون الخليجي) والدول الآسيوية، وأنا مهتم بشكل خاص بالدور الذي يمكن أن تلعبه القوى الآسيوية الكبرى مثل الصين واليابان وأيضاً الهند في أمن هذه المنطقة، وإذا كانت هناك أي مساهمات معينة تعتقدون أنها قد تكون مفيدة في المستقبل. شكراً جزيلاً لكم.
 
د. مأمون فندي (زميل أول لأمن الخليج والمدير المراسل لمعهد الدراسات الاستراتيجية الدولية - الشرق الأوسط)
 
س: دكتور محمد، شكراً جزيلاً لك على خطابك الرائع. بما أنك ذكرت اليمن في كلمتك، أود أن أسأل: هل اليمن على جدول أعمال قمة رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت، وهل هناك أي تفكير في وضع أي موقف سياسي لتحقيق الاستقرار في اليمن من وجهة نظر مجلس التعاون الخليجي؟

الدكتور منصور العريض (رئيس مجلس العلاقات الخليجية الخارجية)

س: حديثكم عن أهمية أمن دول مجلس التعاون الخليجي، هل يؤيد سعادتكم إطار الأمن النووي لدول مجلس التعاون الخليجي الجوار الذي من شأنه دعم الأمن والسلم الخليجي في المنطقة؟ شكرًا لكم.
 
الدكتور محمد الصباح السالم الصباح (نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بدولة الكويت)

 

ج: شكراً جزيلاً لك. د. هكسلي إن العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا، الشرق الأقصى إن صح التعبير، هي علاقة ناشئة لها أسسها في الروابط التاريخية القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا بشكل خاص، والشرق الأقصى بشكل عام. يمكننا الحديث عن [مفهوم] الاعتماد المتبادل [في مناقشة] العلاقة بين مجلس التعاون الخليجي والشرق الأقصى. لدينا حوار حققناه بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا بدأته البحرين برعاية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وكان لنا اجتماع قبل بضعة أشهر فقط، وسيكون لنا الاجتماع القادم في سنغافورة في الربع الأول من العام المقبل. لقد قدم الشرق الأقصى سوقًا مربحًا جدًا لمنتجات دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة المنتجات البترولية؛ الخام والبتروكيماويات.  وتمثل الصين - كما تعلمون أنها من أكبر المستهلكين - إلى جانب اليابان وكوريا، حيث يذهب الجزء الأكبر من صادراتنا إلى الشرق الأقصى وليس إلى الغرب أو الولايات المتحدة. وفي مقابل ذلك، يمثل الشرق الأقصى منطقة خصبة لاستثماراتنا، خاصة في مجال الأمن الغذائي.

على سبيل المثال، قام رئيس وزرائنا بزيارة قبل عام تقريباً إلى جنوب شرق آسيا حيث كنا نستكشف فكرة الاستثمار في الزراعة واستصلاح الأراضي وتقنيات الري والاستثمار في المنتجات الزراعية لإيجاد مصدر آمن للغذاء لمنطقتنا. هذه فكرة يتم استكشافها الآن ونحن الآن بصدد وضع بعض الخطوات الملموسة لتفعيل مفهوم الاعتماد المتبادل هذا. فنحن نملك رأس المال وهم يملكون اليد العاملة ويمكننا مزجهما معاً لتحقيق أقصى فائدة ممكنة. لذا فيما يتعلق بكيفية نظرتنا إلى الشرق الأقصى من حيث الربط الأمني مع مجلس التعاون الخليجي، أعتقد أننا نتحرك أكثر فأكثر فيما يتعلق بعلاقاتنا مع الشرق الأقصى. وكما تعلمون، فإن التجارة عنصر مهم في توطيد العلاقات بين المجتمعات، وإذا نظرتم إلى أنماط التجارة بين مجلس التعاون الخليجي وبقية دول العالم، ستجدون أن الشرق الأقصى يجد جزءًا متزايدًا من التدفقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي.

وفيما يتعلق بسؤال صديقي مأمون فندي المتعلق باليمن؛ فاليمن بالطبع يقع في جزء صعب من هذه المنطقة. فهي محاذية للقرن الأفريقي، وهي منطقة تشهد العديد من المشاكل، ولدينا للأسف دولة فاشلة، وهي دولة قريبة جداً منا، وهي الصومال. ونتيجة لذلك، برزت كل أنواع المشاكل في مثل هذا الوضع، والآن بدأنا نرى أن المشكلة لم تقتصر فقط على الصومال بل تم تصديرها في شكل قرصنة وأثرت على تدفقات تجارتنا من تلك المنطقة. وبطبيعة الحال، فإن اليمن، مع وجود مشكلة مجاورة لمثل هذه المنطقة المضطربة [قد] تفاقمت بسبب ثلاثة أنواع من المواجهات أو التحديات. فمن ناحية، لديك انتفاضة "الحوثي" في الشمال التي تمثل تحدياً أمنياً خطيراً لصنعاء. ومن جهة أخرى، لديك تجمع أو وجود ناشئ لتنظيم القاعدة، لأن مركز السلطة محتل إلى حد كبير من قبل "الحوثيين" ويبدو أن القاعدة تجد لها موطئ قدم في قلب اليمن. ثالثًا، لديك أخطر [التحديات]، وهي الحركات الانفصالية في الجنوب التي تعيد إحياء فكرة وجود شطرين بدلًا من دولة واحدة موحدة. الحكومة في موقف لا أعتقد أن أحداً يريد أن يكون فيه. سيصل وزير خارجية اليمن إلى الكويت، ولديه رسالة من فخامة الرئيس اليمني موجهة إلى رؤساء الدول، وسيصل وزير خارجية اليمن إلى الكويت. وأعتقد أن قضية اليمن ستتم مناقشتها بشكل مستفيض، وسيكون لتداعيات الأزمة اليمنية تأثير عميق على الأمن الإقليمي، وخاصة أمن الخليج. وللتذكير، منذ غزو الكويت عام 1990، هذه أول قمة خليجية تعقد وأحد أعضائها في عمليات عسكرية نشطة، وهنا نتحدث عن مواجهات السعودية مع [التطورات في اليمن]. هذا حدث فريد من نوعه، وحدث استثنائي لم نشهده خلال الـ 18 سنة الماضية، وبالتأكيد سيناقش رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي هذا الأمر بشكل جدي.

 

أما فيما يتعلق بملاحظة الدكتور منصور، حول ما إذا كان مجلس التعاون الخليجي سيدعم اتفاقية الأمن النووي، لا أستطيع التحدث نيابة عن مجلس التعاون الخليجي في هذه اللحظة لأنه لم يتم مناقشتها فيما بيننا. لكن يمكنني فقط أن أقول إن مجلس التعاون الخليجي اتخذ قرارًا باستكشاف قدرة وفعالية استخدام التكنولوجيا النووية لتوليد الطاقة في دول الخليج أولًا. وقد اتخذ رؤساء الدول خلال اجتماعهم في المملكة العربية السعودية قرارًا باستكشاف هذه الإمكانية وشكلنا لجنة داخل مجلس التعاون الخليجي ونحن على اتصال مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستكشاف هذه الفكرة. وعلى الرغم من أن هذا القرار جماعي، إلا أن هناك دولتين على حد علمي هما الإمارات العربية المتحدة وبلدي الكويت قررتا المضي قدماً في بناء محطة للطاقة النووية لتوليد الكهرباء والماء. لم تتم مناقشة الفكرة التي ذكرتها داخل مجلس التعاون الخليجي، ولكن يمكنني أن أقول لك أن هذا هو الاتجاه الذي نسير فيه.
 
مارك فيتزباتريك (زميل أقدم في مجال عدم الانتشار النووي - IISS)

 

س: شيخ محمد، في ملاحظاتكم التمهيدية ذكرتم إيران مرتين في سياق المشاكل، مرة فيما يتعلق بالبرنامج النووي. هل لي أن أسألك سيدي، ما الذي تود الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي أن تفعله إيران لتحسين الثقة في نواياها، خاصة فيما يتعلق بالبرنامج النووي؟  
 
فريد
 
س: بينما نحن هنا، يجتمع الناس في كوبنهاغن لمعالجة قضايا التغير المناخي. هذا بالنسبة للدول المنتجة للنفط هو أمر (غير مسموع)، هل هذا أمر يتم النظر فيه بجدية في الاجتماع القادم لمجلس التعاون الخليجي وإذا كانت هناك أي خطط يمكن أن تطلعنا عليها؟
 
الدكتور محمد الصباح السالم الصباح (نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، دولة الكويت)

 

ج: شكراً لك دكتور فيتزباتريك. لقد قام رئيس وزرائنا بزيارة إلى إيران قبل أسبوعين، وقد التقينا "المرشد" ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان. وقد أعربنا، أولاً، عن دعمنا الكامل لأي بلد يرغب في متابعة التقنيات النووية للأغراض السلمية وفقاً لتوجيهات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونعتقد أن هذا حق. وأعتقد أن ما قلناه أيضا أن المواجهة الجارية بين إيران وبقية دول العالم فيما يتعلق بهذا البرنامج النووي، خاصة المواجهة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمر يضع المنطقة كلها في حالة من التوتر لأننا نعتقد أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية مسؤولة عن حماية أي برنامج من أن يستخدم في عمليات وأغراض سرية، وأيضا، والأهم من ذلك قلق الكويت لأننا الأقرب إلى بعض هذه المحطات النووية خاصة في بوشهر التي قد يكون لها تأثير بيئي. لذلك عبرنا عن قلقنا من عدم رضا الوكالة الدولية للطاقة الذرية التام عن البرنامج، وعبرنا للأصدقاء الإيرانيين عن أن قلقنا يمتد فيما يتعلق بالكويت من التأثير البيئي لهذه البرامج. نحن نريد أن نتأكد من أن هذه البرامج مبنية وفقًا للمبادئ التوجيهية والمعايير الخاصة بإرشادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ما قلته في ما يتعلق بملاحظاتي، لم أصنف إيران على أنها مشكلة، لقد صنفت البرنامج النووي الإيراني على أنه إشكالي لأن إيران تواجه الآن عقوبات محتملة من قبل الأمم المتحدة. إذا كان هذا ما سيقرره مجلس الأمن فإن المنطقة ستدخل في فترة من التوتر. فإيران لاعب رئيسي في الخليج، وأي توتر مع إيران سينعكس على العلاقة بين مجلس التعاون الخليجي وإيران أيضاً. نأمل أن تفي إيران بمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى لا تكون هناك حاجة لفرض عقوبات.

أما بالنسبة لتعليقات فريد حول موقف دول مجلس التعاون الخليجي من مؤتمر كوبنهاغن، وخاصة أن هناك من يرى أن الدول المصدرة للنفط يجب أن تتحمل الجزء غير المتناسب من ديون الأثر البيئي لاستخدام الوقود الأحفوري. أعتقد أن موقفنا سيكون قويًا جدًا. لقد خصصنا، نحن دول مجلس التعاون الخليجي، 700 مليون دولار أمريكي للأبحاث في مجالات عزل الكربون، وهي تكنولوجيا ستجعل استخدام الموارد النفطية صديقاً للبيئة. ونحن نتحمل جزءًا من العبء بأنفسنا من خلال الاستثمار في التكنولوجيا التي من شأنها أن تجعل استخدام الموارد النفطية صديقًا للبيئة. ونحن لا نعتقد أنه من العدل أن نحمل الأعباء على البلدان النامية أو، في هذا الصدد، البلدان التي لديها الموارد اللازمة لقطع غاباتها لتوليد النقد الأجنبي لأن ذلك على ما يبدو، وفقًا لبعض الدراسات، له تأثير بيئي أكبر من استهلاك الوقود الأحفوري. ومن هذا المنطلق، أعتقد أن قمة كوبنهاغن التي ستعقد مباشرة بعد قمة مجلس التعاون الخليجي ستكون فرصة لرؤساء الدول لمناقشة هذه المسألة.

اتصل بنا

للتواصل معنا، يرجى ملء النموذج التالي
© جميع الحقوق محفوظة